ماذا تعرف عن خط بارليف الإسرائيلى؟ ومن صاحب فكرة تدمير الساتر الترابى؟
الدراسات أكدت استحالة تدمير «بارليف» إلا بقنابل بحجم هيروشيما
عكفت إسرائيل منذ احتلالها سيناء بعد حرب 67؛ على بناء سلسلة من التحصينات الدفاعية على طول الساحل الشرقى لقناة السويس، لتأمين الضفة الشرقية للقناة ومنع عبور أى قوات مصرية إليها.
وعُرِفَت تلك السلسلة الدفاعية باسم خط "بارليف" نسبة إلى "حاييم بارليف" القائد العسكرى الإسرائيلى الذى تولى قيادة سلاح المدرعات أثناء العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وتكلف بناء الخط الدفاعى حوالى 500 مليون دولار.
خط بارليف عبارة عن ساتر ترابى يصل ارتفاعه من 20 إلى 22 مترًا، وانحدار بزاوية 45 درجة على الجانب المواجه للقناة، ويتميز بـ20 نقطة حصينة (دُشَم) على مسافات تتراوح من 10 إلى 12 كيلومتر، وفى كل نقطة حوالى 15 جندى كل مهمتهم الموكلة لهم الإبلاغ عن أى محاولة لعبور القناة، وتوجيه المدفعية إلى مكان القوات التى تحاول الاقتحام والعبور، بالإضافة إلى وجود مصاطب ثابتة للدبابات جاهزة للقصف حال استدعائها فى حالات الطوارئ.
وفى قاعدة الساتر الترابى؛ توجد أنابيب تصب الـ"نابالم" وهى مادة قابلة للاشتعال– فى قناة السويس لإشعال سطح القناة، ولكن نجحت الضفادع البشرية المصرية فى واحدة من أعظم العمليات، فى سد فتحات المواسير بمواد خاصة يوم 5 أكتوبر 1973، لمنع استخدمها عند عبور القوات المصرية للقناة فى اليوم التالى وأُسِرَ مهندس مواسير النابلم الإسرائيلى نفسه فى موجة العبور الأولى، عندما كان يحاول إصلاحها.
روجت إسرائيل طويلاً لهذا الخط على أنه مستحيل العبور وأنه يستطيع إبادة الجيش المصرى إذا ما حاول عبور قناة السويس، ولكن حطم المهندس "باقى زكى يوسف" تلك الأسطورة، فهو صاحب فكرة استخدام المياه فى فتح الساتر الترابى تمهيدًا لعبور القوات المصرية إلى سيناء، ورغم بساطة الفكرة إلا أنها أنقذت 20 ألف جندى مصرى على الأقل من الموت المحقق.
وبدأ الهجوم بالضربة الجوية، واستغل الجيش المصرى عنصرى المفاجأة والتمويه اللذين سبقا ساعة الصفر، بالإضافة إلى استغلال عناصر أخرى مثل المد، والجزر، واتجاه أشعة الشمس، لاختراق الساتر الترابى فى 81 موقعًا مختلفًا، وإزالة 3 ملايين متر مكعب من التراب عن طريق استخدام مضخات مياه ذات ضغط عال، اشترتها وزارة الزراعة للتمويه السياسى، ومن ثم الاستيلاء على أغلب نقاط خط بارليف الحصينة بخسائر محدودة، وقُتِلَ 126 عسكرى إسرائيلى وأُسِرَ 161 آخرين من أصل الـ441 المنتشرين على طول الخط، ولم تصمد إلا نقطة واحدة هى نقطة "بودابست" فى أقصى الشمال فى مواجهة بورسعيد.
خراطيم المياه وعبقرية باقي زكي
ورغم صغر سنه حينها وحضوره وسط قادة كبار، فإنه أطلق الفكرة التي ساهمت في رد أرضنا وكرامتنا، وكانت عبقرية الفكرة تكمن في بساطتها، بل وسُجلت كبراءة اختراع وأصبحت تُدرس في الكليات والمعاهد العسكرية على مستوى العالم، وهي فكرة استخدام مضخات المياه لفتح ثغرات في خط بارليف.
كان البطل الراحل رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميداني، غرب القناة في مايو 1969، عندما صدرت تعليمات بالاستعداد للعبور، وكانت أكبر مشكلة أمام الفرقة التغلب على الساتر الترابي وفتح ثغرات فيه، حسب ما جاء في «الأهرام».
اللواء باقي زكي يوسف من مواليد 1931 وتخرج في كلية الهندسة جامعة عين شمس قسم ميكانيكا عام 1954، والتحق بالقوات المسلحة في ديسمبر 1954 وتدرج في القوات المسلحة حتى رتبة لواء، وتم تكريمه بنوط الجمهورية من الطبقة الأولى على أعماله الاستثنائية فى حرب أكتوبر.
واستعان الإسرائيليون بشركات متخصصة ودرسوا وبنوا خط بارليف وكلفوه ملايين، وظلوا يرفعون منه ويزيدون عليه سنوات متتالية على أساس أنه سيكون حدود إسرائيل ولا يمكن اختراقه.
صمم خط بارليف حاييم بارليف، رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي في ذلك الوقت، وكان هدفه فصل سيناء عن مصر بشكل نهائى ليحول دون وصول الجيش المصري إلي الضفة الشرقية للقناة، وتم إنشاء ساتر ترابي منحدر ومرتفع ملاصق لحافة القناة الشرقية بطول القناة من بورسعيد إلي السويس. ليضاف للمانع المائي المتمثل فى قناة السويس.
يتكون خط بارليف من تجهيزات هندسية ومنصات للدبابات والمدفعية وتحتل أرضه المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية، وتحديدًا 22 موقعا دفاعيًا و26 نقطة حصينة بطول 170 كم على طول قناة السويس.
تم تحصين كل مباني الخط بالكتل الخرسانية وقضبان السكك الحديدية المسروقة من سكك حديد سيناء، بالإضافة لتغطيتها بأطنان من الصخور والرمال لامتصاص كل أشكال القصف الجوى والأرضي مهما كان حجمه، هذا بالإضافة إلى الأسلاك الشائكة ومناطق الألغام وأنابيب النابالم الحارق أسفل مياه القناة، وكان هناك شبكات تليفونية تربط كل نقاط الخط ببعضها البعض من ناحية وبالقيادة داخل فلسطين المحتلة من ناحية أخرى.
كان خط بارليف يعلو يوماً بعد يوم، ويتكون من كثبان رملية طبيعية تكونت من ناتج حفر قناة السويس، وكانت رمال حفر القناة وصخوره تلقى على الضفة الشرقية من القناة باعتبار أن الناحية الغربية أراضي زراعية.
أضاف الاحتلال الإسرائيلي الكثبان الرملية الطبيعية مع ناتج حفر قناة السويس وكميات أخرى ضخمة من الرمال حتى أصبحت درجة ميل الساتر الترابي مع قاع القناة 80 درجة، واقترب أن يكون زاوية قائمة حتى يصعب الصعود عليه أو انهياره ، و أصبح ارتفاعه ما يقرب من 20 متراً.
ودرس خبراء العسكرية السوفيتية خط بارليف بشكل دقيق وأكدوا أن الساتر الترابي لا يمكن تحطيمه إلا بقنبلة نووية، وبالطبع لم
وكان أحد المعضلات الكبرى فى عملية اقتحام خط بارليف كيفية فتح ثغرات فى الرمال والأتربة التى لا تؤثر فيها الصواريخ لعبور ناقلات الجنود والمدرعات والدبابات إلى سيناء.
وكان الجيش المصري يبعث بعمليات خلف خطوط العدو نجحت في جمع كل المعلومات التي يحتاج إليها جيشنا المصري، وفي عام 1969 صدرت الأوامر بالاستعداد للحرب، وأثناء اجتماع القادة برئاسة اللواء سعد زغلول عبدالكريم لدراسة الأفكار المقترحة للعبور، كانت كل الاقتراحات التي تم عرضها زمن فتح الثغرة فيها كبير، يتراوح بين 12 – 15 ساعة، وكانت الخسائر البشرية المتوقعة لا تقل عن 20% من القوات.
وحتى دخل المقدم وقتها باقي زكي الاجتماع تذكر عمله بالسد العالي، حيث كان يعمل كمنتدب في بداية الستينات من إبريل 1964 وحتى 1967، ومضخات المياه التي كانت تهزم التراب في دقائق معدودة، فرفع يده للحديث قبل أن يحل دوره في الكلام، فطلب منه القائد الانتظار حتى يحل دوره، ولكنه أكد أن ما سيقوله مهم وعاجل، فسمح له، فقال: «انتو بتقولوا رملة وربنا أدانا الحل قدام المشكلة وتحت رجلينا وهو المياه وفي الحالة دي المياه حتكون أقوى من المفرقعات والألغام والصواريخ وأوفر وأسرع»، وبمجرد أن أنهي حديثه وجد سكون في القاعة، لدرجة أنه وصف هذه اللحظة فيما بعد قائلًا «خفت أكون خرفت».
ولأن الأفكار الجريئة كان لها مساحة كبيرة للتنفيذ تم فتح باب النقاش بين قادة كل الأسلحة، كل في تخصصه، ولم يكن هناك مشكلة مبدئية بالنسبة للفكرة، ولكن كان الأهم أن تكون مضخات المياه صغيرة، بلتركيبها على القوارب المطاطية ويمكن المناورة بها لتأمين سلامتها وسلامة الجنود المسؤولين عن تشغيلها.
العوضي :الدراسات أكدت استحالة تدمير "بارليف" إلا بقنابل بحجم هيروشيما
قال اللواء أحمد العوضى، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بالبرلمان : "الجيش المصرى خير أجناد الأرض كما قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وسيظل رمز الوطنية على مر العصور والتاريخ، وإحنا فى ظروف دلوقتى وحرب ضد الإرهاب، وتضحيات بيقدمها المقاتلين من الجيش والشرطة".
وتابع "العوضى" الذى شارك فى حرب أكتوبر 1973: "كان قدامنا مانع مائى صعب، وساتر ترابى منيع 20 مترًا، وجميع الدراسات اللى اتعملت قالت أن الجيش المصرى علشان يعبر هذا المانع ويقتحم خط بارليف، عايز له كام قنبلة ذرية مثل هيروشيما، ولكن إسرائيل كانت بتشن دعاية لحرب نفسية وبالإرادة استطعنا تدمير هذا الخط الحصين".
وتمنى "العوضى" عودة الروح التى كان يتمتع بها المجتمع المصرى وقت حرب أكتوبر، والتلاحم بين الجيش والشعب، موضّحًا: "لو عادت تلك الروح والإرادة، ستخطو البلاد خطوات كبيرة، ونحقق كل ما نتمنى لبناء مصر الجديدة فمصر دايمًا بخير طالما فيها رجال شرفاء وهذا الجيش العظيم، لأن قوة مصر من قوة جيشها".
مصدر هذا الخبر منقول من : الموجز
بلوجر مسيحى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق