4 تحديات فى الولاية الثانية للرئيس
فوز سهل وكبير حققه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحصوله على 97.08% من إجمالى أصوات الناخبين الصحيحة فى الانتخابات الرئاسية 2018، وهو فوز يوازى ضخامة ما حققه من إنجازات ومشروعات قومية فى ولاية رئاسية أولى امتدت بين يونيو 2014 وتنتهى فى 2 يونيو 2018، والآن يقف الرئيس على عتبة ولاية رئاسية ثانية، بتحديات جديدة، تستكمل خطط تنمية قائمة، وتشق مسارات وطرقا جديدة لإعادة بناء مصر على مستويات عدة. بما يقترب من 22 مليون صوت عبر جموع المصريين عن رغبتهم فى استكمال المسيرة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى قال منذ اليوم الأول لرئاسته إن لديه تطلعا حقيقيا لإعادة بناء مصر، عبر كل الطرق والمسارات الصحيحة، حتى لو أثرت على شعبيته، لتأتى النتيجة التى حملتها الانتخابات الرئاسية 2018 مؤكدة أن شعبيته لم تتأثر بالخطوات والتحركات الجريئة لإصلاح البناء وإعادة هيكلة منظومة الاقتصاد المصرى، بجانب أنه تأكيد لاستعداد جموع المصريين لخوض جولة تحديات جديدة مع الرئيس وبجانبه. وإذا تمثلت تحديات الولاية الأولى فى إصلاح سوق النقد، وضبط الاختلالات الهيكلية فى السوق المصرية، والتركيز على مشروعات البنية التحتية من شبكات الطرق ومحطات الكهرباء والمياه والصرف الصحى، وشق الأنفاق أسفل قناة السويس، ومشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، ومشروع الـ100 ألف صوبة، وغيرها من المشروعات التأسيسية التى عبرت بمصر مرحلة صعبة من واقعها الراهن، فماذا عن تحديات الفترة الثانية؟ وما أبرز الملفات التى يُتوقع أن يلتفت لها الرئيس السيسي ويعمل عليها بقوة؟ ماذا يحمل الرئيس لملفات الصحة والتعليم والبحث العلمى؟ فى طليعة التحديات التى تحتاج لخطط تعامل عاجلة وشاملة، تأتى ملفات الصحة والتعليم والبحث العلمى، التى تحتاج جهدا وتمويلا كبيرين لتطوير الخدمة المقدمة حاليا للمواطنين فى هذه المجالات، وقد تحدث الرئيس السيسي عن تلك الملفات فى مناسبات عديدة خلال ولايته الأولى، مؤكدا أنها ملفات ذات أولوية، وأن الدولة لم تهملها كما يروج البعض، لكن مرحلة البناء وتثبيت الدولة كانت تستدعى إجراءات متوازية فى كل المجالات. وأكد الرئيس السيسي فى لقاءات ومؤتمرات عديدة، آخرها "حكاية وطن" فى يناير الماضى، أن المواطن المصرى يستحق الحصول على خدمة طبية متميزة، وأن ملف التعليم والبحث العلمى ذو أولوية لدى الرئاسة، وستشهد الفترة المقبلة تطورا فى تلك الملفات التى تحتاج أموالا ضخمة للاستثمار فيها وتطويرها، ومن المنتظر أن تبدأ الدولة تنفيذ أولى مراحل التأمين الصحى الشامل خلال العام الجارى فى مدينة بورسعيد، وهو القانون الذى تعول عليه الدولة فى تحسين الخدمة الطبية لكل المصريين.
الرئيس السيسي فى مؤتمر حكاية وطن أما فيما يخص التعليم، فقد أوضح الرئيس السيسي خلال مؤتمر حكاية وطن، أن منظومة التعليم فى مصر تضم 22 مليون شخص، وفى دول العالم يتكلف الشخص الواحد 10 آلاف دولار سنويا، قائلا: "لو فرضنا أننا سنصرف على الشخص الواحد 10 آلاف جنيه فقط، وليس دولار، فإننا نحتاج 220 مليار جنيه، وهذا الرقم غير موجود". أما فيما يخص البحث العلمى، فقد قال الرئيس فى كلمته بافتتاح المؤتمر القومى للبحث العلمى فى مارس الماضى، إن إجمالى الدعم الحكومى لمشروعات البحث العلمى ودعم الابتكار والمبتكرين يقترب من 3 مليارات جنيه، ويشمل تطوير المعامل بـ500 مليون جنيه، ودعم البحوث الأساسية بـ540 مليون جنيه، ودعم المبتكرين والنشء وشباب الباحثين بـ100 مليون جنيه، لكن الأزمة أيضا فى توفير النسبة التى خصصها الدستور للبحث العلمى، والمقررة بـ1% من الناتج القومى، ما يعادل 14 مليار جنيه وفقا لموزانة العام المالى المقبل التى أعلنت الحكومة أن حجم إنفاقها يبلغ تريليونا و400 مليار جنيه. متى تبدأ قفزة التصنيع المحلى والتصدير؟ التحدى الثانى الذى توليه الدولة اهتماما كبيرا وينتظر فيه المواطنون نتائج إيجابية، هو ملف التصنيع المحلى، إذ ينتظر أن يشهد التصنيع المحلى قفزة كبيرة خلال السنوات المقبلة، خاصة بعد قرار تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، وإقرار قانون الاستثمار الجديد، وتفعيل منظومة مراكز خدمة المستثمرين، وإطلاق الحكومة للخريطة الاستثمارية لمصر.
ورغم أن هناك تفاؤلا كبيرا بتوفر البيئة المناسبة لإحداث نهضة صناعية فى مصر، إلا أن استمرار توقف ما يقرب من 870 مصنعا وفقا لإحصاءات وزارة الصناعة، يشير لاستمرار مواجهة مجال التصنيع لأزمات مستمرة، فى حين دشنت الحكومة مؤخرا "شركة مصر لرأس المال المخاطر"، وهى عبارة عن صندوق تمويل للمصانع المتعثرة لإعادة تشغيلها مرة أخرى، ويساهم فى هذه الشركة مركز تحديث الصناعة، وشركة أيادى، وبنك الاستثمار القومى، وصندوق تحيا مصر، برأسمال 150 مليون جنيه، ويساهم فى رأسمال الصندوق مركز تحديث الصناعة بـ30 مليون جنيه، وبنك الاستثمار القومى بـ30 مليون جنيه، وشركة أيادى بـ20 مليون جنيه، وصندوق تحيا مصر بـ70 مليون جنيه. ووفقا لبيانات الحكومة، فقد شهدت فاتورة استيراد السلع الاستراتيجية تراجعا خلال العام الماضى بنحو 3%، لتسجل 10.628 مليار دولار مقابل 10.962 مليار دولار خلال 2016، فى حين ينتظر أن تحقق مصر طفرة صناعية من خلال الخريطة الاستثمارية لمصر، التى تكشف حجم الفرص التى يمكن أن يعمل بها المستثمرون فى كل المجالات. متى تنتهى أزمة التضخم وارتفاع الأسعار؟ ضمن أهم الرسائل التى بعثها المصريون للرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حواره التليفزيونى "شعب ورئيس"، الذى أُذيع قبل قبل الانتخابات الرئاسية 2018، جاءت رسالة الأسعار وارتفاعها فى المقدمة، ورد الرئيس على تساؤلات المواطنين بتأكيد أنه يعلم جيدا أن الموطنين تحملوا كثيرا، واعدا إياهم بأن تشهد الفترة المقبلة تحسنا ملحوظا فى هذا الملف.
وكانت معدلات التضخم ومستويات ارتفاع الأسعار قد وصلت فى السنوات الأخيرة لأرقام غير مسبوقة، وتصاعدت بقوة عقب قرار تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه"، لتسجل 34%، قبل أن تؤتى خطط الإصلاح ثمارها ويتراجع معدل التضخم تدريجيا، فى حين تعد الحكومة بالوصول لمعدل 13% وفقا لموازنة العام المالى الجديد 2018/ 2019 وتصريحات وزير المالية عمرو الجارحى. وفيما يخص ملف الأسعار الذى اقترب منه الرئيس مؤخرا، لم تكن هذه إطلالته الأولى عليه، إذ تحدث عنه خلال مؤتمر "حكاية وطن" فى يناير الماضى، قائلا وقتها إن الأشهر الأخيرة شهدت انخفاضا ملحوظا فى الأسعار، يتراوح بين 30 و40 جنيها فى بعض المناطق، ما يأتى انعكاسا لجهد سنوات فى محاولة ضبط الأسواق، مؤكدا أن الحكومة لديها برنامج لتخفيض الأسعار، ستعمل عليه بقوة وكثافة فى الفترة المقبلة. هل ينجح المصريون فى تنمية سيناء؟ فى 26 فبراير الماضى، وأثناء زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمقر قيادة شرق القناة لمكافحة الإرهاب، قال السيسي إن تنمية سيناء تحتاج 275 مليار جنيه، وإن 175 مليارا من هذا الرقم تم تدبيرها من صناديق عربية شقيقة بقروض ميسرة لصالح تعمير سيناء. وأضاف الرئيس فى خطابه للمصريين من شرق قناة السويس: "الجزء الباقى ستتحمله الحكومة والقوات المسلحة والشعب المصرى"، مطالبا المصريين بالتبرع لصالح تنمية سيناء فى حساب خاص لصندوق تحيا مصر. الحديث السابق يعنى أن مشروع التنمية الشاملة فى سيناء يحتاج تبرع المصريين بـ100 مليار جنيه، فى حين أعلن الرئيس أن المشروع يجب أن ينتهى قبل 2020، ما يزيد من التحدى فيما يخص جمع تلك الأموال لإنجاز المشروعات الموضوعة ضمن خطة تنمية وتعمير سيناء، وبالفعل أطلق صندوق "تحيا مصر" عقب تصريحات الرئيس مبادرة تنموية جديدة تتعلق بتنمية سيناء تحمل اسم "سيناء غالية علينا"، استجابة لدعوة الرئيس، وبدأ المواطنون التبرع لصالح المشروع، ولكن هل يخوض المواطنون التحدى بالجسارة الكافية لتنمية سيناء وفق الخطة والمدى الزمنى المحددين؟ هذا ما ستكشف عنه الشهور المقبلة.
مصدر الخبر منقول من : اليوم السابع
بلوجر مسيحى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق